الرئيسية / اصدارات / منهج تحليل مداخل الصراع الدولي Approach of Analyzing International Conflict Causes

منهج تحليل مداخل الصراع الدولي Approach of Analyzing International Conflict Causes

منهج تحليل مداخل الصراع الدولي

Approach of Analyzing International Conflict Causes

الاستاذ الدكتور كمال محمد محمد الأسطل

By Prof. Dr. KAMAL M M ALASTAL

تتميز النزاعات والصراعات  الدولية بأنها ظاهرة اجتماعية سياسية شديدة التعقيد والتشابك بسبب حركيتها وديناميكيتها، وتعدد أطرافها وتنوعهم بين الداخلي والخارجي  وتعدد بيئاتها، مما تؤدي إلى تعدد أسبابها ومظاهرها وأبعادها، كما يصعب متابعة تفاعلاتها في حالة صعودها.

ويزيد من تعقيدة النزاعات الدولية التداخل والخلط بين المصطلحات التي تستخدم عادة من قبل كمترادفات مثل النزاع/الصراع/الحرب/الأزمة / التوتر / الخلاف …وذلك يرجع على الأقل لتداخل الأسباب وأبعاد هذه الظواهر المتشابهة.

النزاع الدولي

يعرف ناصف يوسف حتي النزاع في بعديه اللغوي والاصطلاحي:

مصطلح النزاع يقابله باللغة الفرنسية  Conflit وباللغة الإنجليزية Conflict      وهي من أصل      Conflictus والتي تعني الصراع والنزاع وصدام وتضارب، شقاق، قتال. ويستخدم النزاع في الأدبيات السياسية والعلمية والاجتماعية والنفسية بمعان ومضامين عديدة: تضارب المصالح، صراع الحضارات، صراع الثقافات، نزاع مسلح، نزاع حدودي..إلخ.

يحدث النزاع نتيجة تقارب أو تصادم بين اتجاهات مختلفة أو عدم التوافق في المصالح بين طرفين أو أكثر مما يدفع بالأطراف المعنية مباشرة إلى عدم القبول بالوضع القائم ومحاولة تغييره.فالنزاع يكمن في عملية التفاعل بين طرفين على الأقل ويشكل هذا التفاعل معيارا أساسيا لتصنيف النزاعات.

بينما يذهب إسماعيل صبري مقلد، إلى استخدام مصطلح الصراع بدزاع ويعرفه بتعريف شامل بقوله:”الصراع في صميمه هو تنازع الإرادات الوطنية، وهو التنازع الناتج عن الاختلاف في دوافع الدول وفي تصوراتها وأهدافها وتطلعاتها وفي مواردها وإمكاناتها، مما يؤدي في التحليل الأخير إلى اتخاذ قرارات أو انتهاج سياسات خارجية تختلف أكثر مما تتفق، ولكن برغم ذلك يظل الصراع بكل توتراته وضغوطه دون نقطة الحرب المسلحة”.

مفهوم الصراع : فإن دائرة المعارف الأمريكية تعرف الصراع بأنه عادة ما يشير إلى “حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسى الناتج عن التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته” . أما دائرة معارف العلوم الاجتماعية فإن اهتمامها ينصرف إلى إبراز الطبيعة المعقدة لمفهوم الصراع، والتعريف بالمعانى والدلالات المختلفة للمفهوم فى أبعاده المتنوعة. فمن المنظور النفسى، يشير مفهوم الصراع إلى “موقف يكون لدى الفرد فيه دافعُ للتورط أو الدخول فى نشاطين أو أكثر، لهما طبيعة متضادة تماما”.. فى هذا الاتجاه، يذهب قاموس لونجمان إلى تعريف مفهوم الصراع بأنه “حالة من الاختلاف أو عدم الاتفاق بين جماعات، أو مبادئ، أو أفكار متعارضة، أو متناقضة”. أما قاموس الكتاب العالمى، فإنه يعرف الصراع بأنه “معركة أو قتال Fight، أو بأنه نضال أو كفاح Struggle، خاصة إذا كان الصراع طويلاً أو ممتداً”.

للصراع في بعدية العام والدولى
1- المدخل النفسى أو السيكولوجى : 
يعتمد المدخل النفسى أو السيكولوجى في تفسير الظاهرة الصراعية على عدد من الاتجاهات النفسية أو السيكولوجية العامة التى تهتم بتقديم تفسير نفسى أو سيكولوجى لظاهرة الصراع في مستوييها الفردى والدولى. 
أ- التفسيرات النفسية للصراع على المستوى الفردى : 
بوجه عام، فإن الصراع – طبقا لهذا المدخل- قد يحدث على المستوى السلوكى المعلن أو الواضح Overt عندما يكون لدى المرء دافع للاقتراب من، أو الابتعاد عن الأشياء المحرمة أو الممنوعة في آن واحد. كما يكون على المستوى اللفظى أيضا عندما يود المرء أن يتحدث بصراحة لكنه يخشى الإساءة للآخرين. أيضا على المستوى الرمزى، فإن الأفكار قد تتصادم وتنتج نوعا من عدم الاتزان الفكرى. وهكذا، فإن حدوث الصراع من المنظور النفسى يكون وظيفة لعدم التوافق بين الاستجابات المطلوبة –العلنية أو اللفظية أو الرمزية أو العاطفية أو غيرها- لإشباع دافع معين مع تلك المطلوبة لإشباع دافع آخر.
وفى مجملها، فإن إسهامات المدخل السيكولوجى متمثلة في تقديم عدد لا بأس به من المتغيرات أو العوامل النفسية التى تستخدم كأساس أو كمسببات نفسية لحدوث الصراع في مستواه الفردى. هذه المسببات النفسية يمكن الإشارة إليها كما يلى  .
النزعات العدائية Aggressiveness ، التحيز والتحامل Bias ، الإلقاء بمسئولية الذنب على الآخرين Blaming Others ، الحقد Hatred، التعطش للثأر والانتقام Revenge، انعدام الشعور بالأمن Insecurity ، الإحباط االاجتماعىSocial Frustration ، الرغبة في تحقيق الذات Ego Fulfillmentالحاجة إلى التقدير والبحث عن المكانة Self Esteem الرغبة في الإخضاع والسيطرة Control Orientation ، الدافع للتضحية Sacrifice، الشعور بأداء رسالةSense of a Mission أما على مستوى الأفراد العاديين، وفى إطار محاولاتهم العامة لتفسير أسباب حدوث الصراع، فإنهم عادة ما يتجهون إلى أن ينسبوا وجود الصراع إلى الطبيعة البشرية.

ب- التفسيرات النفسية للصراع على المستوى الدولى :
في مجملها، تستند التفسيرات النفسية أو السيكولوجية العامة لظاهرة الصراع على المستوى الدولى إلى مجموعة العوامل النفسية أو السيكولوجية التى يمكن الإشارة إلى أهمها في إطار الاتجاهات الأربعة التالية : 
الاتجاه الأول : ويربط بين النزعة العدوانية وبين الطبيعة الإنسانية . ومن أبرز دعاة هذا المنهج كل من عالم النفس الشهير سيجموند فرويد، واستاذ العلاقات الدولية المعروف كينيث والتز.
الاتجاه الثاني : ويمثل ما يسمى بنظرية الإخفاق أو الإحباط Frustration:
ويقوم هذا الاتجاه على النظر إلى الصراع على أنه نتيجة لعامل الإحباط ووصوله إلى ذروة تأثيره في ظروف الأزمة التى يمر بها أطرافه، وبصفة خاصة عندما تصاب خططهم بالإخفاق. ومن أبرز دعاة هذا الاتجاه عالم النفس فلوجل Flugel واريك فروم Fromm .
وفى تفسيره للصراع، يقول “فلوجل” بأن الدول التى تحقق فيها الحاجات الأساسية لشعوبها بصورة معقولة تكون أقل استعدادا من الناحية السيكولوجية للصراع والحرب من تلك الدول التى يسيطر على شعوبها الشعور بعدم الرضا أو الضيق. أما أريك فروم فيرى فيقول بأن ” العنف والميل إلى التدمير إنما يمثلان الناتج التلقائى والحتمى للشعور بالإحباط الذى ينشأ عن الصدمة الناتجة عن خذلان الآمال والتطلعات القومية لسبب أو لآخر”.
الاتجاه الثالث : التركيز على الشخصية القومية National Character 
ويفسر هذا الاتجاه ظاهرة الصراع على أساس من وجود ما يسمى “بالسيكولوجية القومية العدوانية” أو “الطابع العدوانى لبعض الطبائع والسمات القومية العامة”، والتى تشكل في تصور القائلين بهذا الاتجاه ” القوة الرئيسية المحركة للصراعات والحروب الدولية”. وينتقد هذا الاتجاه على أساس أنه لا يمكن القول بوجود اتفاق عام حول وصف بعض الشخصيات القومية National Character أو الطابع الشخصي للقومية بالميل للعدوان، فالأمر كله يتوقف على الاتجاه العقائدى أو السياسى أو القومى لمن يقوم بتصنيف الدول إلى مجموعات عدوانية وأخرى محبة للسلام 
الاتجاه الرابع: المعتقدات القومية كسبب للصراع: ويقوم هذا الاتجاه على التفرقة بين أنماط المعتقدات القومية وعلاقتها بظاهرة الصراع الدولى على النحو التالى: 
النمط السلبى : ويقوم هذا النمط على الاحتفاظ باتجاهات سلبية إزاء الدول الأخرى،

النمط الثابت: ويتمثل في الاتجاهات الناتجة عن استمرار الاحتفاظ بفكرة نمطية ثابتة عن الأمم الأخرى،

النمط بالغ التبسيط : ويشير إلى قيام تصور مبالغ فيه عن طبيعة مسببات التوتر الدولى والحلول الممكنة في مواجهتها

السابقة Prev1 صفحات 3
افتح الصفحة التالية للمزيد....

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*